بسم الله الرحمن الرحيم
مفاتيح النهضة المعاصرة ومعالمها المستوحاة من الكتاب الكريم
استوقفنى ذات يوم همة بعض الطلاب فتوجه الينا بسؤال يعكس مدى فهمه ودرايته بالواقع الذى يحيا فيه وبالهمة التى تملك عليه نفسه فجاءنى ببطاقة مكتوب فيها : ماالمقصود بالنهضة باعتبارها حديث الشارع ونقطة اهتمام من كل من يحيطون به من قريب ام من بعيد فاخذت علىعاتقى مهمة البحث والتنقيب عن مفهوم النهضة وامكانية القيام بدور يستدل به على نهضته وتقدمه وقدراته الذاتية على وضع بصمة يشار اليه بها فاتعدنا على موعد مناسب لدراسة تلك القضية الشاغرة التى يبحث لها عن جواب يمكن من خلاله افهامه ماتعنيه تلك الكلمة الرنانة ذات الابعاد والجوانب فقلت : النهضة مشتقة من عدة جذور لغوية منها نهض ينهض نهوضا نهضة فهوناهض وهى ناهضة وقد اعتنت الدراسات عند بيانها على المفهوم الاصطلاحى واللغوى دون افتئات على اى منهما ولكن كانت الغلبة المعتمدة للمفهومين معا بنفس النسبةوالمقدار فحاول كل فريق بتغليب احدهما على الاخر ولكن المفهوم عن كليهما يؤكد على المحاور الرئيسة التالية :
1 -النهضة تعنى باحداث الطفرة والتطور لمناحى الحياة واحداث التغير الذى يحدث انطلاقا نحوبناء القيم والمبادىء مع الاسترشاد بقيم الدين والحق والجمال ومحاولة بناء القيم الايجابية ونبذ القيم السلبية التىى لاتقرها الفطر السليمة ولاتؤيدها نصوص التشريع ولا مبادئه البنائيةالبناءة
2-النهوض يعنى القيام بمفاهيم الاستخلاف ومراعاة الحقوق والواجبات التىترعى مصالح العباد ومقاصد ربالعباد منهم وتلك كانت الهدف الرئيس الذى انتزع من الناس العبودية وافرادها لله وحده دون منافس اوشريك فكانت اولى الاهداف والمقاصد التشريعية اعادة الناس كل الناس :اخراج الناس من عبادة العباد الى عبادة رب العباد وتلك احدى الخصائص التى اهتم الشارع الحكيم بضرورة ايقاظالهمم والرسول : قولوا لااله الاالله تفلحوا كان من معالم النهضة وقتئذ تلك الشارة العقيدية التى تهتم باصلاح شان العباد بارجاعهم الى تنقية منابع التوحيد والاخلاص لله تعالى حتى تخلص النية ويصدق العزم فتنطلق النفس فى الحياة بباعث الحب والولاء والبراء الى الله والاحسان فتكون نقاط وفوصل النهوض الانسانى مقرونة بقرينة الاحسان الى الله وتلك كانت مادة حياةالاولين عندما كانوا يسيرون كانت تدفعهم ارضية الاعتقاد الصادق والخالص لله : فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولايشرك بعبادة ربه احدا 000 هذا احدالنواميس الكونية التى تجعل الانسان الناهض فى الحياة لاينفك عن الارتباط بميزان الاية الكريمة بل يوضع نصب عينيه حتى لاتختل لديه موازين طاقته عن طلب الهدى المستانس بالله وليكون به وعلى اساسه بانيا رافعا اللواء ولتسع كل النفوس مقتدية به
3-الاسلام صانع النهضة ومؤسسها – لقدانطلق المسلم ولازال منطلقا فى الحياة راغبا فى تسجيل الحسنات وتاركا وراء ظهره ما يجلب اليه السيئات فكانت اوامر القران الكريموالنصح القرانى الدائم باعث الحياة فى النفس عندما تتقرر طبيعةالعلاقات الانسانية فيمابينه وبين ربه وفيمابينه وبين بنى جنسه وبينه وبين البيئة ولكم كانت يد الرحمة تحفز وتشجع الانسان كلما سعى فى الخير كانت معونة الله تعالى معه بالثبات والتوفيق ولوفرض تخلفه عن جادة الطريق جانبته مساندة الله له وتوعده ربه بكون السيئة لزامااليه ونقطة اجرام واساءة منه الى نفسه وعندئذ فلن تكون النفس ناهضة الى بل بائسة لشر مااقترفت من سوء
4- يايحيى خذ الكتاب بقوة واتيناه الحكم صبيا - بذلك التوجيه القرانى كانت نقطة تربية النهضة فى الامم السابقة تعتمد اعتمادا بينا على اظهار القوة والجدية واللذين بهما عنوان النهضة التى يمكن بنائها بمجرد الاستبصار بامكانية كون المرء متحليا بلباس القوة والجديةوالامانة والخلق الكريم وتلك صفات تستاهل ان يكون صاحبها قادرا على البناء والاعمار والتنمية بصورها واشكالها 000 يحيى يدعوه ربه ان يتخذ الكتاب بقوة والايدعه وهو الذى اوتى الحكم صبيا 000
5-الاسلام صانع النهضة عندما قرر ان العلم طريق التقدم وسبب علوالامم وعظمتها وبانه العامل الاول الذى يصل الانسان بطريق معرفة ربه عندما يكون خادما لابراز الحقائق فضلا عن ان يكون الباعث الحثيث للوقوف قدما على الدلائل القاطعة والساطعة على وحدانية الله وهنا يتوج سعيهم ب : انما يخشىالله من عباده العلماء
متى يخشى الله من عباده العلماء عندما ترتبط قيم البحث بالغايات النبيلة والاهداف التى يمكن ان تكون الغاية الكبرى والمرتجى المؤمل من نتيجة البحث ومرماه ولكم كانت غايات اهل البحث المسلمين تنصب على ابراز الحقائق واظهار النتائج الثمينة الجوهر المؤيدة للحقيقة القرانية دون اعمال للفلسفات التى تقتل روح الجد فى النفس وتلك كانت روح المثابرة العالمة والباحثة عن المتغيرات التى تخدم وجهة نظر السماء دون ان تتعارض مع النصوص والثوابت المعلومة من الدين بالضرورة
6- النهضة مشروع جميع الرسل والانبياء والصالحين فضلا عن النخب الزاهرة من كل عصر :هل اتاك حديث النهضة كمبدا وكقيمة التزم بها الانبياء ورسل الله من قبل ولعل البعض يستهجن ذلك الطرح ويجادل هل كانت النهضة احدى النقاط الجوهريةالتى استطاع من ذكرناهم ان يتخذوها نقطة تماس للبداية والخروج باممهم من مآزقهم وصعودا بهم نحو القمة ونحوالاخلاق ونحو الاعمار ونحو مبادىء الحق والخير والجمال وبناء مدينة الانسان الفاضلة التى حلم بها الفلاسفة القدامى فجاءت شرائع الله لتحمل على عاتقها احياء موات القلوب ببعث ارواح تسير على خطى انبيائهم وصالحيهم ومن كانوا اسبابا قوية فى غرس المحبة ونبذ البغضاء والكراهية
والجواب على ذلك نلمحه عماقريب من خلال تلك الشواهد القرانيةالتى تقف دليلا جازما على دور الدين فى نهضة الامم وبانه السبب الرئيس للمدنية والحضارة والنهضة وساترك لحضارتكم الوقت لقراءة وتامل تلك النصوص دون تعليق :
7- النهضة كما صنعها وارادها الاسلام :من خلال واقعنا المعاصر تطفو علىالسطح بعض التساؤلات التى تحتاج الى اجابات شافية مفادها :
كيف استطاع الاسلام بناء نهضته الاولى فى صدر الاسلام؟
ما مظاهر النهضة كما بينها الرسول وبينتها سير الصحب الكرام ؟
للنهضة عوامل ومعالم تاريخية ومواقف وبطولات ؟؟
الرسول الكريم اول من حقق النهضة المثالية فى واقع مجتمعه فكيف تم له ذلك ؟
الرسول يبنى مجتمعه بنهضة علمية بناءة وقرانيةراشدة ؟؟
الرسول استفاد بالشورى والحكمة والتواضع فى قيادة مجتمع المدينة الجديد؟؟
الرسول استطاع ان يطلق فى المجتمع شرارة التنافس على العمل التطوعى بغية نصرةالمظلوم وتحقيق مبادىء العدل الاجتماعى وتوفير فرص للفكر الانسانى حتى يخرج عصارات العقل الباطن لتنتفع به اجواء المجتمع ككل فلم يحجر على فكرة ولم يسطو على احد ولم يسلب ارادة احد ولم يقصى احد داخل المجتمع المدنى حتى تستفيد جميع طوائف المجتمع انذاك من موارد الدولة ككل
ولكن لواسقطنا نموذج المدينةعلى نموذج الارض العربية لوجدنا انه عندما اتيحت الفرص ومنحت الحرية وجدنا مايثير الدهشة والاستغراب وجدنا عالما غريبا وكاننا حسبما اشارت بعض الاراء كون العالم العربى لازال فى سنه اولى حرية اوسنة سنة اولة ديمقراطية فلذلك راينا نقاط الممارسة المغلوطة لمفهوم الحرية فاصبح الكل يتحدث وعلت نبرات التجريم والتحليل والتخوين والتحريم والتكفير فى حين نجد ببعض الموازنة بيينا وبين الدول الغربية نجد هنالك بونا شاسعا بيننا وبينهم حيث انهم لاتوجد لديهم تلك التعديات بقدر ما توجد عندنا مما اضحكهم علينا احيانا وسمعنا منهم كلمات التوبيخ على ما تحول العالم العربى اليه من هرج ومرج عندما امتن الله عليهم بعد ستين سنة بالحرية فاختلط الحابل بالنابل ولكن توقع البعض الاتدوم تلك الفوضى سوى لفترة بسيطةوبعدها سياتى الاستقرار من جديد وعلى العموم فنحن فى انتظار تلك اللحظة حتى نسود من جديد ونسترد سيادتنا المفقودة فهلاانتظرنا ؟؟؟
وللحديث بقية ويتبع 000