ذات مساء جلست لاسمع قناة نور الشام الفضائية وقد طربت كثيرا ببرنامج ائمة الفقه حيث استضاف المذيع الضيف ودار الحوار حول علم من اعلام الفقه الاسلامى الذين كان لهم اعظم الاثر والدور الرائد فى تغيير المذهب الحنفى بدول المغرب العربى حيث ابدله بالمذهب المالكى انه العالم الفقيه ابن سحنون بضم السين او بفتحها وقد اندهش المذيع من تلك التسمية فجاء الرد ان تلك التسمية تنطبق على طائر حديد البصر بالمغرب المعربى ومن هنا اسموه بهذا اللقب لما توافر لدى عالمنا الملتزم الورع من التدقيق الفقهى وكيف انه ولد بالقيروان وقد انطلق فى ساحة الارض يطلب الفقه على ايد اساتذة عظام من امثال عبد الرحمن القاسم بمصر واسد بن الفرات وهو مالكى المذهب وقد كان له كتاب الاسدية حيث جمعه الاخير عن الامام مالك من طريق عبد الرحمن القاسم وجاء سحنون ليعيد النظر فيه فانطلق الى مصر ليؤكد صحة تلك المنقولات العلمية واعاد فيها مرارا وتكرارا واضاف اليها اضافات مؤكدة واسماها بالمدونة التى اصبحت مرجعا فقهيا لدى المغاربة وقد ترك هذا العالم البحر المناصب وتفرغ للعمل بالزراعة فى بستانه لياكل من عمل يده اكتسابا وتزلفا لله رب العالمين بالكسب الحلال ولقد كان ينفق على طلاب العلم الذين كانوا يطلبونه على يده
حتى فرضت عليه تولى القضاء عنوة عندما جىء به ورفضها وسجن وفى الختام فقد تولاها رغما عنه وكان لايخشى فى الحق لومة لائم فقد قضى فى بعض الامور وحسده المعتزلة لدرجة انه عندما توفى وخرج حاكم الاغالبة ليصلى عليه اكراما منه لانسانية العالم لم يصلوا عليه بل ابوا لما كان بينه وبينهم من الخلاف العقدى والايمانى
واود التنويه بانه كان من اساتذته شيخ الشافعى وكيع بن الجراح وكان سحنون المالكى قد ولد العام 150هـــ وتوفى العام 240هــ ولكنه لم يلتقى الشافعى ولكنه جمع الخير كله ونقله الى بلاد المغرب العربى ووصف بانه كان مكتبة علمية متنقلة لما كان فى ام راسه
وقد اتصف بفراسة بالغيب كما المح الرسول عندما اخذ ببعض المال وامر من عنده خذ هذا المال واذهب وباول من يقابلك اعطه مامعك من المال وخرج رسول سحنون وفى الطريق قابله رجل يخفى تحت ثيابه شىء لم يسفر عنه الا عندما اعطى المال فقال من فوره بعبارة بليغة : والله ياهذا الان فقد حرم علينا ماكنا عليه واخرج من تحت عباءته لحما ميتا كان قد اعتزم على اكله ومن ثم تظهر فطنة وفراسة سحنون الذى كشف الله من وراء الحجب عن حاجة هذا المضطر !!!
كم كان الورع والخوف من الله يحرك القلوب ويدفع بهم الى اغتنام الفرص والعمل بمنهاج الطاعة
كم كانت قوة العقيدة فى قلوب العلماء نقطة تحرك وانطلاق نحو بلاغ دعوة الله وحبه
كم كانت رسالة العلماء ميراثا ثقيلا يحتاج الى الهمم الشم الرواسى من امثال امام دار الهجرة الامام مالك ويؤخذ عنه العلم النافع المتشعب الى كافة الامصار والارجاء وحدث ولاحرج عن تلامذته فى مصر وبلاد المغرب العربى والعراق فاستطاع سحنون جميع علم جميع المدارس الفقهية