تونس - حذر تقرير فرنسي جديد من تنامي ظاهرة الاسلام المتشدد في فرنسا على خلفية تزايد عدد المُجندين الفرنسيين في صفوف الجماعات الأصولية التي تقاتل النظام في سورية، فيما اعتبرت باحثة من أصل جزائري أن المتشددين يستثمرون قلة معرفة الغرب بالإسلام لإعطاء صورة خاطئة عنه.
ولفت تقرير مقدم للحكومة الفرنسية أخيرا اهتمامها إلى ما سماه "مخاطر الميل المتزايد للتطرف لدى الشباب الفرنسيين المتحدرين من أصول عربية، والذي يشكل الإرهاب صورته القصوى". وكشفت اليوم صحيفة "لاكروا" القريبة من الكنيسة الكاثوليكية النقاب عن مضمون التقرير الذي حذر من ظاهرة تزايد أعداد الفرنسيين المنضمين إلى الجماعات المسلحة في سورية. وأفادت أن خلاصة التقرير حضت رئيس الحكومة الفرنسية جان مارك أيرولت على التصدي لمخاطر "تنامي الإسلام الراديكالي على الأراضي الفرنسية"، مُعتبرة إياه "أكبر خطر علينا (الفرنسيون) مجابهته خلال السنوات المقبلة".
وكان وزير الداخلية الفرنسي مانوال فالز قدر أعداد الجهاديين الفرنسيين الذين توجهوا إلى سورية بسبعمائة عنصر، وقال إن هؤلاء يخضعون لمراقبة الاستخبارات الفرنسية أثناء وجودهم في سورية. واعتقلت الأجهزة التركية قبل أيام شابين فرنسيين من مدينة تولوز كانا يحاولان دخول الأراضي السورية وسلمتهما إلى الاستخبارات الفرنسية التي تخضعهما حاليا للتحقيق.
وأضاف التقرير أن الأسر الفرنسية التي يلتحق أبناؤها بالجماعات الجهادية ظلت تلزم الصمت في البداية ثم صارت تُعول على جهودها الخاصة لمعرفة مصير أبنائها، قبل أن ترفع النقاب عن مأساتها وتعرضها أمام الرأي العام. وكانت أسرة الشابين جان دانيال بونس (30 عاما) ونيكولا بونس (22 عاما) المقيمة في تولوز أعلنت عن وفاتهما في سورية، فيما تمكنت الاستخبارات الفرنسية من ضبط فتيين لا يتجاوز سنهما 15 و16 سنة كانا متجهين إلى سورية عبر تركيا وحققت معهما قبل إحالتهما على القضاء، ما زاد من موجة القلق العام من انتشار التشدد السلفي لدى الشباب.
ضغط أوروبي
وكشفت مصادر إعلامية أن الحكومات الأوروبية حضت باريس على وضع خطة لمجابهة الظاهرة، ما جعل رئيس الحكومة ايرولت يطلب من الأمين العام للدفاع والأمن الوطني إعداد تقرير عن الموضوع مع تحديد كيفية القضاء على الظاهرة. وأتى التقرير بحسب صحيفة "لاكروا" متشائما ومُحذرا من قلة فعالية الإجراءات الوقائية الحالية في الحد من انتشار التشدد بين الشباب الفرنسيين من أصول عربية. وشكا التقرير من قلة الأبحاث الميدانية عن الظاهرة ما جعل المتخصصين يلجأون إلى الأبحاث التي أجريت في البلدان الأوروبية المجاورة لفرنسا. لكنه أكد أن ظاهرة الاسلام الراديكالي تنتشر بين فئات الشباب التي يراوح سنها بين 18 و35 سنة، وخاصة في الأوساط الاجتماعية ذات الدخل المحدود.
ورأى التقرير أن فرنسا لا تملك أي خطة لمتابعة أوضاع المتأثرين بالأفكار المتشددة لدى اكتشاف أمرهم من أجل مساعدتهم على الخروج من ذلك الوضع. واعتبر أن فرنسا "ليست لديها سياسة وقائية لمنع تمددها (ظاهرة التشدد)، ما جعلها تلجأ فقط إلى القمع". واقترح التقرير اعتماد الطريقة البريطانية المعروفة بخطة "شانل" لمكافحة التشدد بإقامة خط أخضر تستخدمه الأسر المعنية، بالاضافة لإشراك البلديات والدوائر الرسمية في رصد هؤلاء الشباب. وأولى التقرير الفرنسي أهمية خاصة لمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي والمشاركة في الحوارات الدائرة على صفحاتها بطرح أفكار مناهضة للتشدد والغلو الديني.
وفي سياق متصل قالت الباحثة الاجتماعية الفرنسية دنيا بوزار إن جهل البيئة الإجتماعية في فرنسا بتعاليم الاسلام ساعد في انتشار التشدد بين أبناء الجاليات المغاربية. وقالت في كتابها الجديد "تفكيك الاسلام الراديكالي" إن الشاب المتحمس في الجزائر أو المغرب يجد واحدا من أفراد الأسرة على الأقل يُنبهه إلى كون التشدد ليس من مذهب الاسلام، أما في فرنسا فالبيئة عاجزة عن توعية المتأثرين بالفكر الأصولي المتطرف. وأشارت إلى أن زحف التطرف لا يقتصر على الاسلام وإنما يشمل أيضا البروتستانتية.
http://www.alquds.com/news/article/view/id/486032