وسائل الدعوة إلى الله في السنة النبوية

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا



من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .



" يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " آل عمران: 102 ." يا أيها الناس اتقوا ربـكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا



ونسآء واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا " النساء:1 " يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا " الأحزاب:70



أما بعد:



فان الدعوة إلى الله تعالى مهمة الرسل وأتباعهم من بعدهم ، ومن أفضل الطاعات ، وقد فرضها الله على هذه الأمـة . فيجب على الدعاة إلى الله تعالى استفراغ الجهد في استخدام الوسائل المعينة في تبليغ الدعوة إلى الله ، وأن يـقوم الداعية بواجبه إلى أبـعد حدود مقدرته حتى يكون الداعية على الطريق الصحيح إلى النجاح . فكثير من الدعاة يجهل حتى اليوم أهمية الوسائل في الدعوة إلى الله غافلين عن عمق بصماتها ، وعظيم أثرها في الدعوة إلى الله ؛ ولهذا قل أن نرى اهتماما من الدعاة بمعرفة وسائل الدعوة إلى الله تعالى .



ولقد اتبعت في بحثي المنهج التالي:



1- عزوت الآيات إلى موضعها في القرآن الكريم.



2- خرجت الأحاديث من الكتب المعتمدة.



3- ذكرت الشواهد من السنة الشريفة ، مع ذكر أقوال العلماء ما أمكن ذلك .



4- كان اعتمادي منصبا على المصادر الأصلية ، مع الرجوع إلى مراجع حديثة لعلماء



معاصرين ؛ للفائدة .



5- ختمت البحث بخاتمة اشتملت على أهم النتائج التوصيات .











وجاءت خطة البحث كالتالي:



المقدمة



تمهيد



المبحث الأول: الوسائل الخارجية في الدعوة إلى الله تعالى .



المطلب الأول: تعريف الحذر .



المطلب الثاني: تحذير الرسول صلى الله عليه وسلم وحذره .



المبحث الثاني: وسائل تبليغ الدعوة إلى الله تعالى بالقول .



المطلب الأول: أهمية القول .



المطلب الثاني: ضوابط القول .



المطلب الثالث: أنواع القول .



المطلب الرابع: طرق تدريس الرسول صلى الله عليه وسلم .



المبحث الثالث: وسائل تبليغ الدعوة إلى الله بالعمل .



المطلب الأول: شروط الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر.



المبحث الرابع: وسائل تبليغ الدعوة إلى الله بالسيرة الحسنة .



المطلب الأول: أهمية السيرة الحسنة.



المطلب الثاني: أسس السيرة الحسنة.



المبحث الخامس: وسائل تبليغ الدعوة إلى الله بوسائل الإعلام .



المطلب الأول: دور وسائل الإعلام في الدعوة إلى الله تعالى .



المطلب الثاني: أهم وسائل الإعلام .



المطلب الثالث: استخدام الرسول صلى الله عليه وسلم لوسائل الإعلام .



المبحث السادس: أثر معرفة شخصية المدعو على اختيار الوسيلة المناسبة .



المطلب الأول: معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم الواسعة بمدعويه .



المطلب الثاني: عوامل معرفة شخصية المدعو .



المطلب الثالث: الوسيلة المناسبة للشخص المناسب .



تمهيد :



تعاريف



تعريف الوسيلة :



لغة :



الوسيلة : المنزلة عند الملك . والوسيلة الدرجة . والوسيلة : القربة .



والوسيلة : الوصلة والقربى ، وجمعهما الوسائل . والوسيلة ما يتقرب به إلى الغير ، والجمع الوسل والوسائل [1] .



والوسيلة : كل ما يتحقق به غرض معين ، وتقابل الغاية [2] .



اصطلاحاً : -



" هي ما يتوسل بها إلى تحصيل المقصود " [3] .



" وهي القناة الموصلة للغاية ، أو الأداة المستخدمة في نقل المعاني والأفكار للناس " [4].



تعريف وسائل الدعوة :-



" هي ما يتوصل به الداعية إلى تطبيق مناهج الدعوة من أمور معنوية أو مادية " [5]








المبحث الأول : الوسائل الخارجية للدعوة إلى الله تعالى .



وسائل الدعوة نوعان : وسائل تتعلق باتخاذ الأسباب لتهيئة المجال المساعد لتبليغ الدعوة إلى الله تعالى ، ونسميها بالوسائل الخارجية للدعوة . ووسائل تتعلق بمهمة تبليغ الدعوة بصورة مباشرة ونسميها وسائل تبليغ الدعوة [6] .



أولاً : الوسائل الخارجية ومنها :



أ- الحذر المبني على التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب .



ب- الاستعانة بعد الله بالغير في تبليغ الدعوة .



ج- المحافظة على النظام المشروع [7] .



د-وسيلة التخطيط [8]



وسوف أتحدث من وسيلة الحذر .



المطلب الأول :



تعريف الحذر : لغة : الحذر والحذر : الخيفة ، ورجل حذر وحذر وحاذورة وحذريان : متيقظ شديد الحذر والفزع ، متحرز . والحاذر المستعد والحذر المتيقظ [9] .



المطلب الثاني :



تحذير الرسول صلى الله عليه وسلم وحذره :-



مما يبين أهمية الحذر تحذير الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لأمته من أشياء كثيرة منها:



اتخاذ اليهود والنصارى قبور أنبيائهم مساجد أن عائشة وعبد الله بن عباس قالا لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبياءهم مساجد يحذر ما صنعوا " [10] .



وأيضا حذر أمته من فتنة الرجال قال الزهري : وأخبرني عمر بن ثابت الأنصاري أنه أخبره بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يومئذ للناس وهو يحذرهم فتنته : " تعلمون أنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت وأنه مكتوب بين عينيه ك ف ر يقرأه من كره عمله " [11].



وعن عامر بن سعد بن أبي وقاص . قال : كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع : أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فكتب إلـّى : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يوم ، جمعة ، عشية رجم الأسلمي ، يقول " ............. إن بين يدي الساعة كذابين فاحذروهم " [12]



فكما حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من كثير من الأمور فقد كان هو بنفسه حذر ويستخدم الحذر لتبليغ الدعوة إلى الله تعالى ومن ذلك سرية الدعوة في بداية الأمر قال ابن إسحاق : " ثم أمر الله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث سنين من البعثة بأن يصدع بما أمر وأن يصبر على أذى المشركين قال : وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلوا ذهبوا في الشعاب واستخفوا بصلاتهم من قومهم" [13] وعندما دعا رسول الله علي بن أبي طالب إلى التوحيد وأن يكفر باللات والعزى ، فقال علي : هذا أمر لم أسمع به قبل اليوم ، فلست بقاض أمراً حتى أحدث به أبا طالب ، فكره رسول الله أن يفشي عليه سره قبل أن يستعلن أمره . فقال له : يا علي إذا لم تسلم فاكتم [14].



وما كان من حذره صلى الله عليه وسلم عند الهجرة قال ابن إسحاق : عن عائشة أم المؤمنين أنـها قالت : كان لا يخطئ رسول الله أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار إما بكرة وإما عشية حتى إذا كان اليوم الذي أذن الله فيه رسوله صلى الله عليه وسلم في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه ، أتانا رسول الله بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها ، قالت : فلما رآه أبو بكر قال ما جاء رسول الله في هذه الساعة إلا لأمر حدث قالت : فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره ، فجلس رسول الله وليس عند رسول الله أحد إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر فقال رسول لله أخرج عني من عندك" قال:يا رسول الله إنما هما ابنتاي ."[15]



وفي غزوة الفتح الأعظم تبين حذر رسول الله من خلال دعاءه قال ابن إسحاق : ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الناس أنه سائر إلى مكة وأمر بالجد والتهيؤ وقال : " اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها " [16].









--------------------------------------------------------------------------------




[1] - لسان العرب لابن منظور ، دار صادر ، بيروت ، ط3 : 1414 هـ - 1994 م ، 11/724، 725



[2] - الصحاح في اللغة والعلوم معجم وسيط ، نديم مرعشلي ، أسامة مرعشلي ، دار الحضارة العربية ، بيروت ، ط1 : 1975 ، ص 1288



[3] - تفسير القرآن العظيم لابن كثير ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، 1388 هـ - 1969 م ، 2/53



[4] - ركائز الإعلام في دعوة إبراهيم عليه السلام ، سيد محمد شنقيطي – دار عالم الكتاب ، الرياض ، ط1 : 1415 هـ ، - 1994 م ، ص43



[5] - المدخل إلى علم الدعوة ، د/محمد البيانوني ، ط4 : 1418 هـ - 1997 م



[6] - أصول الدعوة ، عبد الكريم زيدان ، مؤسسة الرسالة ، ط3 : 1414 هـ -1993 م ، ص 447



[7] - انظر : الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى ، سعيد بن على القحطاني ، ط2 : 1413 هـ -1992 م ، 126 ، 127



[8] - المدخل إلى علم الدعوة ، د/ محمد البيانوني ، ط4 : 1418 هـ - 1997 م ، 306



[9] - لسان العرب – مصدر سابق – 4/176



[10] - رواه البخاري ، كتاب الصلاة ، باب 55 ، 1/112



[11] - رواه الترمذي ، كتاب الفتن ، باب 56 ، رقم الحديث : 2235ن 4/ 508



[12] - رواه مسلم ، كتاب الإمارة ، باب (1) ، 2/1454



[13] - البداية والنهاية لابن كثير ، دار المعرفة ، ط1 : 1416 هـ - 1996 م ، 3/42



[14] - المصدر السابق ، 4/677



[15] - البداية والنهاية - مصدر سابق ، 3/192



[16] المصدر السابق ، 4/677